في واحدة من أبرز مفاجآت تشكيلة حكومة “الأمل” التي أعلنها رئيس الوزراء د. كامل إدريس، برز اسم الدكتورة لمياء عبد الغفار خلف الله كوزيرة لمجلس الوزراء، إلى جانب تعيين كل من عمر صديق وزير دولة بالخارجية، وسُليمي إسحق وزيرة دولة للشؤون الاجتماعية.
سيرة امرأة استثنائية
لمياء ليست وجهًا جديدًا في الساحة العامة، بل صوتًا نسائيًا مخضرمًا تشكّل عبر سنوات من العمل في قلب الملفات السكانية والاجتماعية والإنسانية. تقف خلفها مسيرة طويلة من الجهد المثابر، والتمثيل المشرف في المحافل الدولية، والمشاركة في رسم السياسات التنموية التي طالت حياة آلاف النساء والأسر.
مواقع أثبتت فيها جدارتها
في سجلها المهني، شغلت مناصب ذات ثقل داخل السودان وخارجه. كانت أمينة عامة للمجلس القومي للسكان لسبع سنوات، وأشرفت خلال تلك الفترة على وضع السياسات الوطنية المتعلقة بالسكان والتنمية. ترأست الآلية الوطنية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، كما عملت مستشارة للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة. وفي ظل النزاع الحالي، تولّت مهمة قيادة لجنة التشغيل والتدريب ضمن مبادرة “إسناد” في مصر، التي تخدم السودانيين المتأثرين بالحرب.
كما عملت مديرة لتدريب المرأة، ورئيسة لدائرة التقييم والمتابعة في جهاز التخطيط الاستراتيجي بولاية الخرطوم.
أكاديمية مؤهلة بفكر عالمي
لمياء تحمل دكتوراه من جامعة نوتنغهام البريطانية، وقد ركزت أطروحتها على أثر الخصخصة على المرأة السودانية. وتملك مزيجًا معرفيًا يجمع بين ماجستير في “النوع والتنمية” من جامعة الأحفاد، وبكالوريوس في الاقتصاد والاجتماع من جامعة الخرطوم، إلى جانب دبلوم في الدراسات الإسلامية.
صوت مدوٍّ في مجلس الأمن
في يونيو 2024، وقفت لمياء عبد الغفار أمام مجلس الأمن، لتُجسّد معاناة السودانيين بكلمات أدمت القلوب. تحدثت باسم المجتمع المدني، كاشفة عن أرقام مرعبة: آلاف القتلى، ملايين النازحين، وملايين النساء والفتيات عرضة للانتهاكات الجسيمة، خاصة تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع. كانت رسالتها للعالم واضحة: تحرّكوا… قبل أن يُمحى ما تبقى من السودان.
رسائل صادقة وحضور ملهم
لمياء ليست فقط مسؤولة تنفيذية، بل أيضًا كاتبة ذات بصيرة. في مقال مؤثر نُشر في يونيو 2025، خاطبت رئيس الوزراء كامل إدريس بكلمات صريحة:
“يا كامل الأوصاف، أنت تتسلم سلطة في وطن تحاصره النار… هذه حرب استقلال جديدة…”
واختتمت الرسالة بوصية خالدة:
“أوصيك بالنساء خيرًا… لطالما تمنيت أن تحكم السودان امرأة تشبه بنازير بوتو…”
إقالة ثم عودة أقوى
في 2019، أُعفيت من منصبها في عهد رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك. واليوم، بعد ستة أعوام، تعود من جديد – لا من موقع التذكّر، بل من منصة التأثير، لتتولى وزارة محورية في لحظة مصيرية من تاريخ السودان.
أمل تمشي على قدمين
لمياء عبد الغفار ليست مجرد اسم في لائحة وزارية، بل رمز حي لقدرة النساء على اجتراح الأمل من قلب الانهيار. تمتلك رؤية، وعلمًا، وحسًا إنسانيًا يندر أن يجتمع في مسؤول تنفيذي.
إنها امرأة بمستوى التحدي،