بعد 4 سنوات من انقلاب القصر.. أسرار خطيرة يكشفها عثمان ميرغني
في مثل هذا اليوم من عام 2021، استيقظ السودانيون على حدث غيّر مجرى تاريخهم السياسي، حين أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مدعومًا بنائبه وبقية المكوّن العسكري، الإطاحة بالحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، منهياً بذلك تجربة الحكم المدني التي بدأت عقب توقيع الوثيقة الدستورية في أغسطس 2019 وسط آمال كبيرة ببناء دولة مؤسسات حديثة.
في أول ظهور له بعد الانقلاب، وعد البرهان بإكمال مؤسسات الدولة خلال أسبوع واحد، معلنًا قيام المجلس التشريعي ومجلس القضاء الأعلى والنيابة العليا والمفوضيات. لكن بعد مرور أربع سنوات، لم يتحقق شيء من تلك الوعود سوى تعيين رئيس للمحكمة الدستورية، بينما بقيت مؤسسات الدولة في حالة شلل شبه تام.
المفارقة، كما يرى الكاتب عثمان ميرغني، أن مبررات الانقلاب التي رفعت شعار “الإصلاح واستعادة المسار” سرعان ما انهارت أمام واقع أكثر قسوة، إذ دخل السودان في دوامة من الصراعات والحروب التي أضعفت الدولة وأفقدتها تماسكها. فبدلاً من بناء مؤسسات قوية، تفككت أجهزة الدولة، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية بصورة غير مسبوقة.
ويشير ميرغني إلى أن الخلل البنيوي في منظومة الحكم بدأ من مجلس السيادة الذي تحوّل إلى كيان رمزي بلا فاعلية حقيقية، حيث تتركز السلطة الفعلية في يد القائد العام، بينما بقية الأعضاء يكتفون بالمناصب الشكلية. ويضيف أن المجلس الذي يضم تسعة أعضاء أصبح عبئًا ماليًا وسياسيًا، دون أن يضيف شيئًا ملموسًا للدولة.
أما مجلس الوزراء، فيرى الكاتب أنه لم ينجح في أي من نسخه الثلاث في تحقيق الاستقرار أو تنفيذ برنامج وطني جامع، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية برئاسة الدكتور كامل إدريس، بعد مرور ستة أشهر على تعيينها، لم تُحدث تحولًا ملموسًا في إدارة الدولة أو معالجة أزماتها.
ويرى ميرغني أن الانقلاب فشل في تحقيق أهدافه، بل كان بداية لانهيار مؤسسات الدولة واندلاع الحرب الشاملة التي دمّرت ما تبقى من بنية الحكم المدني. ويؤكد أن الحل يبدأ بإيقاف الحرب وتهيئة المناخ السياسي لبناء دولة مدنية حديثة تحكمها الكفاءة لا المحاصصة، وتستمد شرعيتها من الشعب لا من السلاح.
ويختم مقاله بسؤال لافت:
“بعد أربع سنوات من الانقلاب، هل آن الأوان ليدرك الجميع أن لا مستقبل للسودان إلا بدولة مدنية مؤسسية تُدار بالعقل لا بالبندقية؟”
بقلم : عثمان مرغني