القصة المؤلمة للشهيد احمد كنونة الذي تهشمت جمجمته خارج جسده

0

يقطن الشهيد أحمد الأمين كنونة،الشهير بـ(كنونة) في أم درمان، تحديدًا بمنطقة (أمبدة الحارة 28) ، في منزل أسرته ، بمعية والده ووالدته وأشقائه . وهو وفقًا لحديث والدته فاطمة تاور عباس لـ(الجريدة) يبلغ من العمر (28) عامًا ، وكبير اخوته ، يليه شقيق أخر يُدعى حمود كنونة، ثم شقيقتيه هاجر وسارة هُن الأقرب إليه وقد قصم موته بهذه القساوة ظهرهن. تبقى للشهيد عام واحد فقط على إكمال دراسته الجامعية ، كما أنه وجد لنفسه عمل في الكهرباء لمساندة والده في إعالة أسرته.

رحلة البحث عنه
صباح يوم الخميس الموافق (30/ 12/2021) خرج أحمد كنونة من منزله متجهًا إلى مسجد قريب من مسكنه لصلاة الظهر،وقد عُرف بتمسكه بأداء جميع صلواته في المسجد، لكنه لم يعد بعد ذلك مطلقًا.والدته أخبرتنا إنها ظلت تترقب قدومه حتى الساعة الخامسة والنصف مساءً ـ موعد صلاة المغرب ـ؛فقدوعد والده الذي أخبره برغبته السفر إلى (الأبيض) حاضرة شمال كردفان،بحلاقة شعر رأسه،كما أنه معتاد على الجلوس معها ومن ثمة الاستعداد لصلاة المغرب. ومن هنا وجد الخوف والقلق طريقًا إلى قلبها.
هاتفه مغلق وأصدقائه لا يعلمون عنه شيئًا.

الساعة تقترب من الثامنة مساءً وأحمد لم يعد،صلاة العشاء في الجامع تقترب،ولكنه لم يأتي ليتوضاء ويذهب،وهنا نفذ صبر والدته،فحسمت أمرها،وخرجت للبحث عنه،اتجهت صوب منزل اصدقائه في الحي، المقربين منه، والذين اعتاد على تمضية اوقاته معهم،سألتهم فردًا فردا ، ولكنهم جميعًا لم تكن لديهم اجابات عن مكانه.شبكات الإنترنت لا تزال مغلقة ، والمكالمات أيضًا ، ومع ذلك ظلت تتصل به لعله يجيب على هاتفه ، بلا جدوى .في تمام الساعة العاشرة ، انتابتها نوبة من البكاء ، لم تعد تحتمل غيابه أكثر ، فذهبت صوب منازل أصدقائه مرة أخرى ، سألتهم إن كان ابنها متورط في مشكلة ما ولا يردون اخبارها خوفًا عليها فنفوا مزاعمها ،وخرجوا يبحثون عنه بدورهم. يقول صديقه لـ(الجريدة) : شاهدتُ (فيديو) استشهاد أحمد وغيره من المقاطع التي نُشرت على (فيسبوك) ولكنني لم أتعرف عليه حينها ، على الرغم من أنه صديقي المقرب ، وأمضي معظم الوقت معه. وتابع : “كنا نبحث عنه بينما جثمانه في المشرحة مكتوب عليه مجهول الهوية ، حقيقة الأمر نحن لم نستوعب بعد موته بهذه الطريقة القاسية،أن يقتل أحمد الطيب و(زول الله) وتهشم جمجمته ويخرج المخ من رأسه ،نحن لم نستوعب ذلك حتى الآن،ونشعر وكأنه حلم أو غير صحيح ، وأن أحمد سوف يدخل من هذا الباب مرة أخرى بضحكته التي نحبها ويحكي لنا عن ما كان يحدث في المظاهرات بحماس.

ليلة قاسية وطويلة
لم تتمكن والدة الشهيد أحمد كنونة من النوم ليلتها ، ظلت على سجادة الصلاة منذ العاشرة مساءً وحتى أذان الصبح تدعي الله أن لايصيبه مكروه ، وتنتظر شروق الشمس لتبدأ البحث عنه مجددًا . قالت لـ(الجريدة): صليت الصبح ثم توجهت إلى المطبخ ، عملتا ليه (مديدة نشا) ، لعله مصاب بأحد المستشفيات ، أو معتقل ، ومؤكد جيعان. ثم خرجتُ ووالده نبحث عنه في المستشفيات ، ذهبنا إلى مستشفى الأربعين ، ثم السلاح الطبي ، ثم الخرطوم التعليمي ، جميع الكشوفات المعروضة علينا خالية من اسمه.طلب مِنا البحث في الأقسام لعله معتقل فذهبنا ووالده لجميع الأقسام ولم نتحصل على أي معلومة عنه. وتتابع : نصحنا أحد أفراد الأمن بالتوجه إلى المشارح فهناك (٨) جثامين وصلت عقب يوم دامي في الخرطوم.

توجه الزوجان إلى مشرحة أم درمان فوجدوا (٤) جثامين ، تعرفت أسرتان على جثامين ابنيهما ، وتبقى إثنين ، كان إحداهما أحمد . تقول والدته لـ(الجريدة) : عندما عرضوا علينا جثمانه لم أتعرف عليه ، تشوهت ملامحه تمامًا ، فقلت لهما “ده ما ولدي” وخرجت من المشرحة مسرعة ولحق بِي والده. قررنا أن نواصل البحث في عدد من المستشفيات ولم نجده ؛ حينها أخبرني والده بأنه يشعر بأن ذلك الجثمان يعود لإبننا وطلب مني الرجوع إلى المشرحة مجددًا،كنت مثله ،شعرت بأنه أحمد ،ولكني رفضت الإعتراف بداية الأمر. عند دخولنا إلى المشرحة مرة أخرى ، شاهدتُ ملابسه التي خرج بها صباحًا ، قميصه و(البنطلون) ذاته،فعلمت إنه إبني.

الوداع
تقول والدته : طلبت منهم توديعه فدخلت ، ملامحه تشوهت ، الجانب الأيمن من وجهه سقط ، شاهدتُ ثقب اختراق رصاصة لرأسه،وتهشم جمجمته،شاهدتُ في عينه الأخرى الألم والوجع الذي شعر به قبل خروج روحه . ولدي طيب لكنه عانى قبل موته وأقول لمن قتله بهذه الطريقة البشعة الله في والله خير منتقم. وريا جثمان الشهيد أحمد الأمين كنونة ،عصر الجمعة الموافق (31/12) بمقابر (حمد النيل) بأم درمان،عقب رحلة بحث عنه استغرقت يوم ونصف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.