حالة من الهرج بقاعة محاكمة مدبري انقلاب 1989

0

ضجت قاعة تدريب ضباط الشرطة بالأدلة الجنائية مقر انعقاد محاكمة مدبري انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ المتهم فيها الرئيس المعزول عمر البشير و (27 ) من قيادات النظام البائد امس،ولم يهدأ لها بال وسادت حالة من الهرج والمرج فيها وذلك عندما تقدم المتحري بمستند اتهام (6) عبارة عن حوار تلفزيوني اجرته قناة الجزيرة القطرية مع المفكر الإسلامي الراحل د. حسن الترابي وطالب المحامون المحكمة باستبعاد المستند ورفضه واستنكر ممثلو هيئات الدفاع عن جميع المتهمين بل وأعلنوا رفضهم التام الزج بـ(الترابي) في ملف القضية وذلك بسبب وفاته وعدم وجود علاقة له بالقضية، وتعجب ممثلو دفاع المتهمين من تقديم الاتهام مثل هذا المستند وتساءلوا ( هذه المحاكمة للمتهمين الماثلين امام المحكمة وليست للموتى اذاً لماذا يتم إقحام الموتى فيها)؟..

جدلية مستند للترابي..

ومثل امام المحكمة المتحري عقيد شرطة جمال الدين محمد الخليفة، وافاد بأن لجنة التحري في الدعوى الجنائية حصلت على ( فلاشة) تحتوي على لقاء تلفزيوني اجرته قناة الجزيرة الفضائية ضمن برنامج (شاهد على العصر) مع الراحل د. حسن الترابي، رحمه الله ، مؤكداً للمحكمة بأن مدة المستند هي (58) دقيقة، منوهاً الى أن الترابي تحدث خلاله عن فكرة الحركة الإسلامية في الاستيلاء على السلطة والتفاصيل التي قامت بها الجبهة الإسلامية ومشاركة مجلس شورى الحركة الإسلامية في التخطيط وتنفيذ انقلاب 89م موضوع الدعوى الجنائية، وقدم المتحري الفلاشة للمحكمة كمستند اتهام (7) .

حينها نهض جميع ممثلي الدفاع عن المتهمين من مقاعدهم بقاعة المحاكمة ، ودخل ممثلو الدفاع عن المتهمين في حالة هرج ومرج عبروا خلالها عن رفضهم التام إقحام شيخهم حسن الترابي، في القضية، مشددين للمحكمة على أن الترابي والحركة والجبهة الإسلامية لا علاقة لها بالقضية، مؤكدين بأن القضية يواجه الاتهام فيها الأشخاص الماثلون أمام المحكمة و الغائبون عنها بأعذار مرضية ، وتساءل ممثلو الدفاع عن المتهمين قائلين : ( هذه المحاكمة للمتهمين الماثلين امام المحكمة وليست للموتى والجبهة الإسلامية اذاً لماذا يتم إقحام الموتى فيها؟ )، واعلن محامو الدفاع عن المتهمين بأنهم كجبهة إسلامية يرفضون العبارات التي أدلى بها المتحري امام المحكمة عن الترابي، وطالب ممثلو الدفاع عن جميع المتهمين من المحكمة استبعاد المستند من محضر القضية وعدم عرضه على الحضور بقاعة المحكمة، مبررين ذلك لوفاة الترابي قبل تقييد اجراءات القضية الماثلة امام المحكمة.
سقوط الدعوى للوفاة..
من جهتها وجهت هيئة المحكمة تساؤلات للمتحري قائلة له : (هل هنالك أي مداخلة لأي من المتهمين في الدعوى الجنائية داخل الفلاشة مستند الاتهام؟ وهل الترابي كان من ضمن المتهمين في القضية؟) ، حينها اجاب المتحري على استفسارات المحكمة مؤكداً لها بأن المستند عبارة عن تسجيل لحوار تلفزيوني تم إجراؤه مع الترابي فقط ولا توجد اي مداخلة فيها لأي من المتهمين الماثلين امام المحكمة، وفجر المتحري مفاجأة داوية للمحكمة كشف لها خلالها بأن الراحل د. حسن الترابي ، كان من ضمن المتهمين على ذمة القضية الماثلة امامها – الا أنه تم فصل الاتهام في مواجهته وإسقاط الدعوى الجنائية ضده وذلك لوفاته .
في ذات الوقت كشف عضو هيئة الاتهام عن الحق العام المحامي عبد القادر البدوي، للمحكمة عن وجود عدد من الأشخاص لم يشملهم الاتهام على ذمة الدعوى الجنائية وذلك لوفاتهم .

لا نقبل بزج الترابي..

من جانبه اعترض عضو هيئة الدفاع عن المتهمين من حزب المؤتمر الشعبي، على تقديم الحوار التلفزيوني الذي تم اجراؤه مع الراحل د. حسن الترابي كمستند اتهام (7) في القضية ، ملتمساً من المحكمة رفض المستند واستبعاده، مبرراً ذلك لوفاة الترابي قبل تقييد اجراءات البلاغ التي كانت في العام 2019م ، موضحاً في اعتراضه للمحكمة بأن الجبهة الإسلامية ليست متهمة في القضية_ انما المتهمون عبارة عن أشخاص ماثلين امام المحكمة، مؤكداً للمحكمة بأن تقديم المستند غير مقبول لديهم، وشدد محامي الدفاع في اعتراضه للمحكمة بأنه لن يقبل الزج بـ(شيخه الجليل) حسن الترابي، في اجراءات المحاكمة ، لا سيما وأن المستند غير منتج في القضية لعدم قدرتهم على استجواب الترابي حول محتواه لوفاته بحد قوله للمحكمة .

رفض مستند لموت الترابي..

من جهتها حسمت المحكمة الجدال القانوني بين طرفي القضية (اتهام ودفاع) ورفضت قبول الفلاشة التي تحتوي على حوار تلفزيوني أجرته قناة الجزيرة مع د. حسن الترابي، كمستند اتهام (7) ورفضت المحكمة التأشير عليه بمحضرها ، وبررت المحكمة رفضها المستند وذلك لوفاة الترابي مما يضع المستند بانه غير مقبول لها وذلك لاعتباره بينة سماعية ولا يؤخذ بما ورد فيه على أي من المتهمين .
استجواب مقدم برنامج..
في ذات السياق تقدم المتحري للمحكمة بمستند اتهام (6) وهو عبارة عن لقاء تلفزيوني ضمن برنامج (نادي الاعترافات) اجرته قناة ام درمان الفضائية مع المتهم السادس والعشرين الشيخ أحمد عبد الرحمن محمد، كشف خلاله عن دوره ومشاركته في انقلاب 89م، ونبه المتحري الى أن زمن الحوار ساعة وعشر دقائق، كاشفاً للمحكمة عن استجواب مقدم البرنامج عادل سيد أحمد خليفة، كشاهد اتهام حول اللقاء واقر بصحته،موضحاً كذلك للمحكمة عن اقرار المتهم السادس والعشرين ذات نفسه بالتحريات عن صحة اللقاء، وعرض المتحري المستند على شاشات البروجكتر بقاعة المحكمة ، وافاد خلاله المتهم السادس والعشرين احمد عبدالرحمن، بأنه كان على علم وتمت مشاورته وشارك في انقلاب 89م، منبهاً الى أن الراحل د. حسن الترابي ، قد سجل له زيارة بمنزله في الليلة السابقة للانقلاب وكشف له خطتهم لتنفيذ الانقلاب ، مؤكداً خلال اللقاء التلفزيوني مستند الاتهام مشاركته في الانقلاب، منوهاً الى أنه كان من المؤيدين للحكم المدني – الا أنه قد اضطر للمشاركة في تنفيذ الانقلاب ، وأوضح المتهم عبد الحمن خلال الحوار بأنهم اضطروا لتنفيذ انقلاب 89م على نظام الديمقراطية الثالثة وذلك لتخطيط الدول الغربية والعربية لاستبعادهم كإسلاميين من المشاركة في الحكومة ، موضحا بأن الإمام الراحل الصادق المهدي ، كان متفقاً معهم حتى الساعة الثانية عشرة من اليوم السابق للانقلاب – الا أنه وبعد مشاورته لحزبه وأسرته ، رجع عن موقفه، منبهاً الى أن الصادق المهدي، قام بابتعاثه ضمن وفد لدولة اليابان للمشاركة في جنازة – الا أنه عاد منها عقب تلقيه مكالمة من الراحل حسن الترابي طالبه خلالها بإنهاء زيارته والعودة للبلاد، لافتاً الى أن الترابي عقب عودته طالبه بالمشاركة والظهور في إحدى البرامج الحكومية وذلك بغرض التموية بحد قوله،واضاف المتهم السادس والعشرون باللقاء التلفزيوني بأنه كان يسمع بالمتهم الثالث العميد وقتها عمر البشير وبطولاته التي حققها بجنوب السودان الا أنه لم يلتق به ولا يعرفه مطلقاً في ذلك الوقت، مؤكداً بأن حل الحزب الشيوعي وطرد عضويته من البرلمان في العام 1967م كان أحد اسباب انقلاب جعفر نميري، اضافة الى محاولة استبعاد الإسلاميين من السلطة كانت ايضاً احد أسباب انقلاب 89م .

منسوخ ومخالف للقانون..

من جانبه اعترض المحامي عبد الباسط سبدرات ، رئيس هيئة الدفاع عن المتهم الـ (26) احمد عبدالرحمن، على المستند، والتمس من المحكمة رفضه واستبعاده، مبررا ذلك الى أن المستند الفلاش تم استنساخه من اسطوانة (سي دي) وهي غير واضحة مطلقاً، اضافة الى ان المستند شابه كثير من الضرر الأمر الذي يجعل هيئة الدفاع عدم التأكد منه، اضافة الى ان مقدم البرنامج قد بدا فيه كمتحر يسأل المتهم اسئلة يحرمها القانون ويسوح به من التركية السابقة الى يومنا هذا بحد قوله، ونبه سبدرات للمحكمة، بأنه سبق وأن طالب المحكمة بعقد جلسة مغلقة لمشاهدة الفيديوهات مستندات الاتهام حتى يتسنى لها تقييمها وأخذ المنتج منها واستبعاد غير ذلك بحد تعبيره ، مشدداً على أن ما ورد على لسان المتهم خلال الحوار بمستند إالاتهام لا يمكن اعتباره اعترافات بمشاركته في تنفيذ انقلاب 89م ، مؤكداً بأن حديث المتحري بإعتراف المتهم بمشاركته في الانقلاب مخالف لقانون الإثبات لسنة 1994م، وقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م .
قبول ووزن بينة..
من جهته تمسك ممثل الاتهام عن الحق العام بمستند الاتهام ملتمساً من المحكمة قبوله والتأشيرة عليه، مبرراً ذلك الى أن جميع اعتراضات الدفاع على المستند جاءت من حيث الشكل وتلك مكانها وزن وتقييم البينات لاحقا، مؤكدا بأن الدفاع لم ينكر بأن الشخص الذي يظهر خلال المستند هو المتهم احمد عبدالرحمن، من جهته حسمت المحكمة الجدال القانوني بين طرفي القضية الاتهام والدفاع وقررت قبول المستند والتأشير عليه بمحضرها كمستند اتهام (6) وإرجاء تقييمه لاحقاً عند مرحلة وزن البيانات وقبل تلاوة القرار النهائي .
في ذات السياق قالت المحكمة بأنها تتقيد بزمن الدولة الرسمي خلال مدة انعقاد جلساتها – الا أنها كذلك تقدر ظروف المتهمين وطرفي القضية، وحددت جلسة اخرى يوم الثلاثاء المقبل لمواصلة السير في إجراءات القضية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.