تفاصيل ابشع جريمة اغتصاب هزت السودان

0

أسدلت محكمة جنايات بحري شمال مؤخرا الستار على أبشع جريمة اغتصاب جماعي بحق بائعة شاي جرت فصولها منذ حوالي عام بحق إحدى ضحايا الاغتصاب الجماعي وهي ثاني قضية هزت المجتمع السوداني مؤخرا بعد جريمة اغتصاب فتاة الدمازين بشكل مخذٍ وجماعي روع الأسر السودانية وأشعرها بخطر انتهاك حرمة عرضها من قبل ذئاب بشرية لاتشبه القيم والتقاليد السودانية التي تربت على حماية العروض وصونها.. حيث أصدرت محكمة جنايات بحري شمال برئاسة مولانا إبراهيم محمد البشرى حكمها بحق أربعة جناة من أصل تسعة هم المتهمون باغتصاب فتاة دردوق بائعة الشاي.. وجاء نطق الحكم بالسجن المؤبد على أربعة منهم وذلك ردعا على جريمتهم البشعة بحق الضحية إلى جانب غرامة مالية لصالح الدولة وذلك لجرائم أخرى منها الخطف تحت تهديد السلاح والخمر والاغتصاب الجماعي بحق الضحية**

تفاصيل الحادثة

(س.ع) فتاة تبلغ من العمر (24) عاما خريجة جامعية تقطن مع أسرتها المتعففة بمنطقة دردوق الواقعة بريفي بحري شمال الخرطوم، تعمل والدتها في بيع الشاي لتعولها إلى جانب والدها الضرير وتأمين لقمة العيش الكريم لهما بحد الكفاف عقب موت شقيقها بمناطق التعدين التقليدي.. (س) تساعد والدتها في بيع الشاي وتتبادل معها وردية العمل الأم تعمل نهارا وابنتها بالمساء.. وفي يوم الحادثة المفجعة ذهبت الفتاة إلى مكان عمل والدتها الكائن بمنطقة حطاب شمال بحري وعند استعدادها للذهاب إلى المنزل بعد انتهاء العمل عند العاشرة مساء وأثناء قدوم سائق الركشة الذي يقلها يوميا ويغلق معها المحل قدم نحوها عدد من الأشخاص كانوا راجلين تحت تأثير الخمر وآخرين كانوا على متن هايس بحسب رواية الشهود فطلبوا منها الذهاب معهم وحين تدخل سائق الركشة إعتدوا عليه بالضرب وهو أحد شهود القضية وتم اقتيادها تحت تهديد السلاح الأبيض ـ عصي وسكين ـ واستخدموا معها كل أساليب العنف والتهديد ومن ثم أخذوها إلى منزل مهجور بمنطقة تقع بين دردوق والسامراب حيث تمت جريمة الاغتصاب الجماعي بالتناوب من قبل المتهمين التسعة منذ العاشرة وحتى الثالثة صباحا حتى كادت تفقد الوعي ثم نقلها عدد من المتهمين إلى مكان مجهول وتركوها بحالة يرثى لها ولاذوا بالفرار وهي بين الحياة والموت!!..إلا أن العناية الألهية كانت تحفها فقد أقدم أحد الذين كانوا يبحثون عنها مع أفراد الأسرة الذين أخبرهم سائق الركشة الذي اوسعوه ضربا وركلا حين حاول الدفاع عنها، وكانت الأسرة قد أبلغت الشرطة ايضا وتم تدوين بلاغ بالحادثة بالرقم (915) .. وأثناء البحث عنها عثر عليها أحدهم وأجلسها بأحد عناقريب بعض سائقي الشاحنات الذين كانوا يوجودون بالمنطقة والذين أعانوه على حملها، فالمسكينة كانت لا تستطيع الحركة ولا الوقوف من هول ما تعرضت له.. بعدها تم القبض على ثلاثة منهم بمنطقة قريبة من موقع الحادثة.

كواليس الجلسات

عند بدء جلسات القضية العام الماضي ٢٠٢١م شهدت أولى جلسات محاكمة الفتاة المعتدى عليها ملاسنات حادة بين والدة المجني عليها وبعض المتهمين وذلك إثر الافراج عنهم بالضمان العادي مما أثار حفيظة والدتها، فأمر قاضي جنايات محكمة الدروشاب شمال حينها مولانا (معتز محمد أحمد) بحبس والدة المجني عليها، حيث إنها دخلت في نوبات هيجان عقب قرار المحكمة حينها باخلاء سبيل المتهمين وأمر القاضي بحبس والدة المجني عليها بسبب المشادة الكلامية التي دارت بينها وبعض المتهمين داخل قاعة المحكمة بعد ان تم الإفراج عنهم بالضمان العادي، وقد افرج عنها لاحقا عقب تحديد الجلسة الثانية التي وافقت يوم ٢٨/٨ الموافق الخميس من العام الماضي وذلك لسماع الاقوال.

أقوال المتهمين

بحسب تداول حيثيات القضية والتي حصلت (الحراك) عليها فإن المتهمين الذين تم إلقاء القبض على ثلاثة منهم بالقرب من البيت وهرب خمسة حتى اللحظة لم يتم التعرف على مكان وجودهم، ذكروا في أقوالهم، أنهم في الأصل كانوا يبحثون عن قاتل صديقهم الذي قُتل قبل أيام ولم يتم القبض على الجاني وكلهم كانوا تحت تأثير الخمر حين قدموا إلى مكان الضحية التي كانت تتأهب للذهاب إلى المنزل برفقة سائق الركشة الذي مثل في القضية كشاهد إتهام، إلى جانب صاحب البقالة الذي كان يشاهد المشهد وتم الإعتداء عليه أيضا، حيث ذكر في أقواله أنهم قاموا بتهديد الضحية وهم مسلحون بالعصي والسكاكين وقالوا بأنهم يريدون التحري معها عن مقتل صديقهم وحين منعهم سائق الركشة بأنهم ليسوا جهة الاختصاص وليس الشرطة تم ضربه ضربا مبرحا.. كما روى المحامي (ضياء الدين عبدالباسط حسن) لـ(الحراك)، وهو الذي ترافع عن الضحية دون أتعاب، مشيرا إلى ان موكلته تم ارغامها على الذهاب معهم تحت التهديد حيث وضعوا لها سكينا في الخصر وأخرى في العنق ثم نهبوا مالها وسماعة كانت بحوزتها.. وتم تقييد المقتنيات بحوزتهم من قبل الشرطة .

وذكر المحامي ضياء أيضا بأن الضحية طيلة فترة جلسات المحاكمة كانت ترتدي النقاب خوفا من الوصمة وأنها ما زالت تعاني ظروفا نفسية وصحية قاسية هي وأسرتها التي زادت معاناتها عقب الحادثة، ولفت أن أحد القضاة كان قد أفرج عن المتهمين وهو ما يعد مخالفا للقانون حيث إن قضايا الاغتصاب من القضايا الجنائية التي لا يتم فيها إطلاق سراح الجناة بالضمان العادي وهو ما حدث، ولا ينظر فيها قاضي من الدرجة الثانية لانه لا يحق له اصدار حكم أكثر من (10) أعوام وفق صلاحيته.. لافتا إلى أن قضايا الاغتصاب وفق التعديل الذي جرى مؤخرا على قانون ٢٠٢٠م بعهد وزير العدل السابق (نصر الدين عبد الباري)، هو الحكم المؤبد على المغتصب وهو السجن (20) عاما.

حكم المحكمة

وقد قضت المحكمة بسجنهم بالمؤبد عشرين عاما لمخالفة المادة (146/9) من القانون الجنائي لسنة 1991م، والغرامة (100) الف لكل واحد منهم لمخالفتهم المادة (162) من القانون الجنائي لسنة 1991م، والجلد للمدانين (40) جلدة لمخالفة المادة (178).. كما حكمت عليهم المحكمة بدفع مبلغ (750) ألف جنيه تعويض للضحية لما لحق بها من أضرار نفسية وجسدية ومعنوية، تحصل بالطريق المدني.

مأساة الضحية

رغم مرور عام من الحادثة إلا أن الضحية مازالت تعاني الأمرين: عدم القبض على كل الجناة، وعدم الإحساس بالأمان حتى وهي داخل المنزل ولم تستقر بعد حالتها النفسية فهي لم تستطع حتى اللحظة تجاوز الحادثة لدرجة أنها تتنقل بين كل فترة وأخرى للإقامة بمنزل بعض أهلها واقاربها.. فكل ما عادت إلى دردوق تسوء حالتها النفسية حيث مكان الحادثة وهمزات وغمزات الوصمة تلاحقها، والأسرة لا تملك عائلاً ولا تكلفة جلسات العلاج النفسي.. وحتى اللحظة يسعى المحامي (الشهم) الذي تكفل بالدفاع عنها مجانا دون أي أتعاب بمحاولة تدبير تكلفة سفرها وعلاجها بالخارج، ولكن وحده يصعب عليه فوالد الضحية ضرير والابن توفي بمناطق الذهب والأم طاعنة في السن، والعشم في أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة، وجمعيات ومنظمات حماية المرأة من العنف .

بتول الفكي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.