هادية قاسم : تكتب(عقوق مع سبق الإصرار)

0

أدهشني تسجيل صوت متداول عبر قروبات الواتساب لأحد شباب منظمة من المنظمات الفاعلة وهو يتواصل هاتفياً مع فتاة ليخبرها أنهم عثروا على والدها في مسجد في موقف شروني بالخرطوم ،وأنهم كمنظمة يحاولون إلحاق والدها والذي عثروا عليه بحالة يُرثى لها في مكان رث لا يليق بالإنسانية بأي شكل من الأشكال ،ودار خلال المحادثة أن هذا الرجل ظل يمكث في هذا المكان لفترة طويلة وأنه يحتاج الى رعاية خاصة بعد أن تقدم به العمر وكثير من الحديث الذي ذكره الشاب – أكرمه الله .

ظلت الفتاة تنصت بدقة لحديث الشاب وتركته يكمل حديثه بعد أن أخبرها أنه تواصل مع ابنه ( ع ) إلا أن الابن تبرأ من والده ،وقالت الفتاة ان أخاها عاق بوالده .وطلب الشاب من الفتاة أن تهتم بوالدها وترعاه في بيتها في بداية حديثه وهو يذكّرها بعاقبة الأمر الجلل ،لكن ويا سبحان الحي الذي لا يموت قالت الفتاة : ( أنا ما في يدي حاجة لو في يدي حاجة كنت عملتها من زمان ) ،وكان الشاب ملحاحاً ويصرُّ على إقناعها لكنه يئس منها وطالبها بضرورة مساعدتهم في المنظمة لإكمال إجراءات نقله لدار المسنين ، وأنهت الفتاة المكالمة قائلة : ( ح أرد عليك بكرة ) !!هذا التسجيل وجد حظه من التداول وتناقلته قروبات الواتساب بكثافة لغرابة الأمر ، فعقوق الوالدين ليس بالأمر الهين فالشاب نسأل الله له الهدايا ( مسكين ) لا يعلم عظمة أن ترعى والديك في كبرهما ، أما الفتاة والفتيات رحيمات فقد أوجعني برودها وإهمالها لوالدها المسن الذي هو بالطبع الآن في أمس الحاجة ليد حنون تربّت على كتفه !ماذا حدث في مجتمعاتنا أيها السودانيون ! لماذا قست قلوبنا حتى على أقرب الناس إلينا ، ما الذي يجعل أشياء وأولويات أهم من والدينا في حياتنا ، لماذا تدهورت عاداتنا التي جُبلنا عليها وتغيرت مفاهيمنا وانحرفنا عن المكونات التي كانت تميزنا ونحن اليوم نتخلى عن آبائنا وفي زمن كنّا نتحمّل الغريب عنا !!صدقاً أقول انني وعلى الصعيد الشخصي أشعر بطمأنينة وراحة حينما أكون مرافقة لوالديّ في المستشفيات وغيري بالطبع الكثيرون الذين يستلذون بشقائهم وهم يعانون لأجل الوصول بوالديهم الى أماكن العلاج ،فالجنة طريقها قاس وشاق ورائحتها بالطبع في طاعة الوالدين ورحمتهما وبرهما .نسأل الله أن يهدي (الولد العاق وشقيقته) وأن يرجعا الى صوابهما ويحتضنا هذا الرجل الكهل وأن يحفظ مجتمعاتنا من التغيرات الزائفة المرعبة التي باتت تتغلغل في عقول البعض فضلوا الطريق
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.