صلاح الدين عووضة يكتب .. الفيل !

0

وظل الفيل..وظل الفيل هذا يطعنه من لا قدر على طعن الفيل ذاته ؛ هكذا يقولون..

وذلك جبناً منه…أو حذراً…أو تقزما..وفي مرحلة مبكرة من عمري جاورت روساً ؛ وتعلمت جانباً من لغتهم..ومن مفردات ما تعلمته كلمة فيل.

وما ساعدني على تعلم هذا القدر منها إجادة الوالد – رحمه الله – لغة الروس..وذلك فضلاً عن الإنجليزية…

والنوبية ؛ بالطبع..ثم لم يبز الوالد هذا تحدثاً بلغاتٍ أجنبية عديدة إلا ابنتي – وحفيدته – لينة..فهي تتكلم الإنجليزية…والفرنسية…والإسبانية..ثم بصدد تعلم العبرية الآن ؛ لدرجة أنْ صارت تفهم ما ينطق به اليهود..وبذا باتت الحالة الفريدة الوحيدة من نوعها في العائلة..ولينا هذه سميتها على لينا الروسية

– إعجاباً بها – ولكن بعد تعريب الاسم..وبعد تأصيله أيضاً ؛ ليضحى مستمداً مما ورد في القرآن..واسم لينا لاتيني أصلاً ؛ ويُنطق إيلينا – أو يلينا – اشتقاقاً من أسطورة هيلين..

ولينا هذه كانت ابنة أحد جيراننا الروس هؤلاء..وذكرت – من قبل – قصة تفوقها علينا في سباقٍ لبلوغ قمة جبلٍ مجاور..فأعجبت بعزيمتها ؛ في مقابل تكاسلنا نحن..وذات مرة وردت في سياق حديثي معها كلمة فيل ؛ فإذا بها تجهل معناها..

وعزت أمها ذلك إلى عدم رؤيتها فيلاً في حياتها..فهي ما كانت تعرف ما هو الفيل ناهيك عن ظله ؛ ولكنها بعد ذلك عرفت..وحتى إن لم تعرف فهي تمارس – فعلياً – هذه الثقافة..ثقافة طعن ظل الفيل عوضاً عن الفيل ذاته ؛ والفيل هنا – مجازاً – هو بوتن..ونعود إلى الوراء قليلاً ؛ من واقع كلمتي تلك..فقد قلت فيها : ولعل لينا الآن رائدة فضاء ؛ بينما لا نزال نحن عند سفحه..ولكني اكتشفت أنها رائدة فضاء إعلامي..فقد غدت صحفية مثلي…ودارسة فلسفة مثلي ؛ ولكنها لا تطعن الفيل مثلي..بل تطعن ظله…ظل الفيل…ظل بوتن..

وتقول أن الغرب يريد أن يدمر روسيا ؛ وتنسى أن روسيا هي البادئة بالحرب..هي التي أرادت تدمير أوكرانيا..والغرب هذا يقول – حتى الأمس القريب – أن قرار نهاية الحرب بيد بوتن..فلو أنه اتخذ قراراً بسحب قواته فستنتهي الحرب فوراً..وسينتهي – تبعاً لذلك – تزويد كييف بالأسلحة المتطورة حمايةً لأراضيها..بل وستنتهي حالة العداء الغربي لروسيا..وستنتهي – كذلك –

تبعات العقوبات الغربية كافة التي تشتكي منها لينا..ولينا تعلم ذلك ؛ فهي ذكية جداً..وفوق ذكائها هذا فهي ذات عزيمة جعلتها تصعد الجبل بينما بقينا نحن أسفله..والصفتان هاتان جعلتني اسمِّي ابنتي عليها ؛ تيمناً بها..وبالفعل تميزت ابنتي – لينة – بالصفتين هاتين ؛ دون صفة طعن الفيل الثالثة..فلينا الروسية هذه فوجئت بها تطعن ظل بوتن..وذلك بعد أن فوجئت بأنها لينا ذاتها التي جاورتنا

– طفلةً – في زمنٍ مضى..بضحكتها…بنظرتها…بملامح وجهها…وباسمها الثنائي..ودعونا نقول ظل بوتن بما أنها قد تجهل – إلى يومنا هذا – ذاك الحيوان..

والذي ورد اسمه أثناء حديثي – القديم – معها..الفيل !.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.