شكوى عاجلة من موظفي الحكومة في الفاشر

يشكو موظفون في المؤسسات الحكومية بمدينة الفاشر، حاضرة شمال دارفور، من حرمانهم من الرواتب لأكثر من عام وثلاثة أشهر، في وقت تتفاقم فيه المعاناة اليومية تحت ضغط الحصار وشح الموارد، وسط مدينة أنهكتها الحرب وتآكلت فيها مظاهر الاستقرار منذ أبريل 2023.
داخل أروقة المدارس ومكاتب الدولة المهجورة، تتعالى أصوات معلمين وعاملين أنهكتهم المعاناة، حيث يروون فصولًا مريرة من الانتظار والصبر على واقع لم يعد يرحم.
أحدهم، معلم بمرحلة الأساس، يصف الحال بـ”الاختبار القاسي الذي تجاوز كل تصور”، مشيرًا إلى أن الحياة تحولت إلى معركة يومية للبقاء في غياب أبسط الحقوق، وعلى رأسها الراتب.
المفارقة المؤلمة أن ما وُصف بـ”الراتب الغائب” حضر مرتين فقط طيلة ستة عشر شهراً، بحسب أحد مسؤولي المالية في إدارة مياه الريف، والذي أكد أن الموظفين لم يتسلموا سوى راتبَي ديسمبر 2023 ويناير 2024، بينما بدأت ولايات أخرى بصرف مستحقات العام الجديد منذ شهوره الأولى، ما عمّق شعور موظفي الفاشر بالعزلة والتجاهل.
الأزمة لم تقف عند حد العجز المالي، بل تعدته لتصبح قضية كرامة.
موظفون يحملون درجات وظيفية عليا اضطروا للعمل في مهن هامشية أو الوقوف في صفوف التكايا بحثًا عن وجبة تسد الرمق، في مشهد يعكس مدى الانهيار المعيشي، لدرجة تداول صور لمديرة مدرسة مرموقة وهي تصطف مع تلاميذها في طابور الطعام، في واحدة من أكثر الصور تداولًا وحزنًا على المنصات الاجتماعية مؤخرًا.
وسط هذا الواقع القاسي، ترتفع النداءات من داخل الفاشر، محذرة من تداعيات كارثية على القطاعات الحيوية، خصوصًا التعليم والصحة، في حال استمرار تجاهل صرف الرواتب.
ويناشد الموظفون الحكومة المركزية، من وزارة المالية إلى الجهات السيادية ببورتسودان، بالتحرك العاجل لإنقاذ ما تبقى من مقومات الحياة في المدينة التي تتآكل بصمت، تحت حصار يلتهم البشر قبل البنى التحتية.