شهدت سوق العملات الموازية في السودان اضطرابًا حادًا، بعد أن أطاح تراجع مفاجئ في أسعار الصرف بآمال العديد من المضاربين الذين ضخّوا أموالًا ضخمة في شراء العملات الأجنبية خلال موجة الارتفاع الأخيرة. الانخفاض غير المتوقع أوقع خسائر كبيرة في صفوف كبار تجار العملة، فيما اختار البعض التراجع عن البيع ترقبًا لما قد تحمله الأيام المقبلة من تغيرات.
وبحسب مصادر اقتصادية مطلعة، فإن السوق شهد ركودًا شبه تام في حركة التداول، بعد أن هوى الدولار إلى مستويات تراوحت بين 2800 و2900 جنيه سوداني، مقارنة بمستويات أعلى سجلها الأسبوع الماضي. كما تراجعت أسعار الريال السعودي إلى ما بين 773 و800 جنيه، والدرهم الإماراتي إلى حدود 790–817 جنيهًا، بعد أن اقترب سابقًا من 880 جنيهًا.
التقلبات لم تقتصر على العملات الخليجية والأمريكية، إذ هبط اليورو إلى نحو 3529 جنيهًا، والجنيه الإسترليني إلى 4054 جنيهًا. حتى الجنيه المصري، الذي شهد ارتفاعًا لافتًا في الأيام الماضية، انخفض إلى ما بين 61 و63 ألف جنيه سوداني، في تراجع يُعد الأبرز منذ بداية الشهر.
خبراء اقتصاديون اعتبروا أن ما حدث في السوق هو نتيجة انفجار فقاعة مضاربية، حيث قفزت الأسعار خلال فترة قصيرة مدفوعة بطلب غير واقعي. ويرى بعضهم أن هذه التراجعات قد تكون مؤقتة، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وغياب السياسات المالية المستقرة، ما قد يؤدي إلى جولة جديدة من الارتفاع في حال عادت المضاربات.
في المقابل، يشير مراقبون آخرون إلى أن التراجع الأخير قد يكون بداية لتحول أعمق في السوق، يعكس تصحيحًا تلقائيًا للأسعار بعد موجة تضخم غير مبررة، خاصة مع تزايد الحذر لدى المتعاملين وخشيتهم من الوقوع في مصيدة الخسارة مجددًا.
ويُذكر أن سوق العملات الموازي في السودان يعاني من فوضى مستمرة، نتيجة غياب الرقابة الرسمية، وتراجع دور القطاع المصرفي، إلى جانب الوضع السياسي والأمني المتقلب، وهو ما جعله ساحة مفتوحة للمضاربات والعشوائية، تقلب فيها الأسعار بشكل يومي، دون ضوابط أو توقعات دقيقة.