في مشهد متوتر يخيم عليه القلق والخوف، تشهد منطقة حلة يونس الواقعة غرب مدينة بربر بولاية نهر النيل تصاعد أزمة بيئية خطيرة، بعد انكشاف نشاط تعدين عشوائي يستخدم مادة السيانيد السامة قرب التجمعات السكنية. ومع اقتراب موسم الأمطار، يخشى الأهالي من تسرب المخلفات الكيميائية إلى مصادر المياه، ما قد يؤدي إلى كارثة صحية وبيئية يصعب احتواؤها.
السكان الغاضبون دخلوا في اعتصام مفتوح تجاوز يومه العشرين، مطالبين بإزالة الأحواض المستخدمة في معالجة مخلفات التعدين، والتي أقيمت – بحسبهم – دون رقابة كافية من الجهات الرسمية. مصادر محلية تحدثت عن نفوق حيوانات وطيور قرب الأحواض، ما عزز المخاوف من تأثيرات السيانيد السامة على الإنسان والحياة البرية.
رغم صدور قرار من النيابة العامة بإزالة الأحواض فورًا، إلا أن بطء التنفيذ من قبل الشركة السودانية للموارد المعدنية، دفع المعتصمين إلى اتهامها بالمماطلة والتقصير، محذرين من أن التسويف في اتخاذ التدابير اللازمة قد يجعل من الأمطار القادمة ناقلًا لمادة القتل الصامت إلى داخل منازلهم.
ويقول المعتصمون إن الجهات الرسمية، وعلى رأسها المدير التنفيذي لمحلية بربر ومدير وحدة غرب بربر، تجاهلت النداءات المتكررة ولم تكلف نفسها زيارة الموقع أو الاستماع إلى صرخات الأهالي، ما زاد من شعور السكان بأنهم في مواجهة المصير وحدهم.
رئيس تجمع شباب حلة يونس، خالد الفكي الخليفة، شدد في تصريحات صحفية على ضرورة الإزالة العاجلة للأحواض والنفايات بطرق علمية وآمنة، داعيًا لتدخل فرق مختصة قبل فوات الأوان، ومحذرًا من أن تجاهل الأزمة قد يقود إلى سيناريوهات مأساوية يصعب التراجع عنها.
وفي تطور يزيد من تعقيد الموقف، أبلغ عدد من السكان عن حالات إجهاض غامضة، رجّحوا أن تكون ناتجة عن التعرض لمخلفات السيانيد، ما أضفى بعدًا إنسانيًا خطيرًا للأزمة، دفعهم إلى توجيه نداء عاجل إلى مدير شركة الموارد المعدنية محمد طاهر عمر، ووالي ولاية نهر النيل محمد البدوي عبد الماجد، لإصدار أوامر حاسمة بإزالة الخطر الكيماوي الذي يهدد أرواحهم.
المعتصمون، الذين يواصلون أداء صلواتهم اليومية في موقع الاعتصام، أكدوا تمسكهم بسلمية تحركهم، قائلين: “لن نغادر حتى تخرج الأحواض من أرضنا، فنحن لا نطلب سوى حقنا في الحياة.”