محمد سعيد الصحاف يكتب: لماذا يلتف السودانيون حول الجيش؟
متابعات - أمواج نيوز
محمد سعيد الصحاف يكتب: لماذا يلتف السودانيون حول الجيش؟
متابعات – أمواج نيوز – في المنعطفات الحاسمة من تاريخ الدول، يتكشف معدن التماسك الوطني الحقيقي. وفي السودان، برز الالتفاف الواسع حول القوات المسلحة بوصفه تعبيراً واعياً عن إدراك جمعي لحجم التحديات التي تهدد كيان الدولة ووحدتها، وليس مجرد رد فعل عاطفي عابر.
القوات المسلحة، بما تحمله من إرث وطني ودور سيادي، ظلت حاضرة كركيزة أساسية في حماية الدولة. ومع تعقّد المشهد وتصاعد المخاطر، اتضح لكثير من السودانيين أن الخلافات السياسية والاجتماعية، مهما بلغت حدتها، لا يمكن أن تتقدم على أولوية صون الوطن والحفاظ على مؤسساته.
هذا الاصطفاف تجاوز الأطر الحزبية والاصطفافات الضيقة، ليعكس اتفاقاً واسعاً على تقديم المصلحة الوطنية العليا. وقد جاء بوصفه خياراً نابعاً من الوعي العام، لا نتيجة توجيه أو ضغط، في ظل نظرة ترى في القوات المسلحة مؤسسة جامعة تتحمل مسؤولية السيادة ومنع الانزلاق إلى الفوضى.
المزيد من المشاركات
وتجلّت ملامح هذا الوعي في مظاهر متعددة، من دعم مجتمعي واضح، إلى خطاب إعلامي أكثر اتزاناً، وصولاً إلى مبادرات أهلية أكدت أن جوهر المعركة هو الحفاظ على الدولة واستقرارها، لا تغليب أجندات آنية.
الاصطفاف الوطني، في هذا السياق، لا يعني إسكات النقد أو إغلاق باب الأسئلة المشروعة، بل يعكس ترتيباً للأولويات في لحظة حرجة. فبناء الدول وحماية مؤسساتها يتطلبان قدراً من التماسك، على أن يبقى الحوار والإصلاح مسارين مفتوحين حين تستعيد البلاد عافيتها.
ما يجري اليوم يبعث برسالة واضحة مفادها أن السودان، رغم ما يمر به من جراح، قادر على التوحد عندما يتعرض جوهره للخطر، وأن قواته المسلحة ليست طرفاً في صراع سياسي، بل سنداً وطنياً يلتف حوله السودانيون دفاعاً عن حاضرهم ومستقبلهم.
في المحصلة، يعكس هذا الالتفاف اختباراً للوعي والمسؤولية، ودليلاً على قناعة راسخة بأن حماية السودان مسؤولية مشتركة، وأن الاختلاف ينبغي أن يكون داخل الوطن لا على حسابه.
