صحيفة بريطانية تكشف خبايا الخلاف بين البرهان وحميدتي

0

أمواج نيوز

يدور صراع مكتوم بين البرهان وحميدتي بشأن السيطرة على الوزارات الاقتصادية والسيادية بالدولة في الحكومة المرتقبة
تبدو المخاوف الوجودية التي يواجهها السودان هي السبب الرئيس في تعويم سلطة الأمر الواقع

تجري حالياً في السودان ترتيبات على قدم وساق لإعلان حكومة سودانية جديدة، تحاول أن تكون حاضنة سياسية لسلطة الأمر الواقع، راهناً بهدف أمرين: الأول التعامل مع الأزمتين الاقتصادية والأمنية المحتدمتين، أما الثاني فهو التحضير للانتخابات التي ربما تكون مبكرة.
التحرك السوداني المحلي يحظى بقبول إقليمي واسع، عبرت عنه الجولة الخليجية لرئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، التي جرى اختتامها في القاهرة، حيث حظي الرجل بترحيب كبير ودعم مشهود، عبرت عنه مفردات البيان الختامي للزيارة، وهي الزيارة التي بدأ بعدها البرهان في اتخاذ خطوات إجرائية، لتوسيع حاضنته السياسية عبر الإفراج عن رموز إسلاموية من نظام البشير، صرح منهم إبراهيم الغندور، وزير الخارجية السوداني الأسبق، بأنه سوف يعيد حزب المؤتمر الوطني المحلول لساحة العمل السياسي.
مخاوف وجودية

ولعله يكون من المطلوب هنا استكشاف لماذا يحظى تحرك البرهان بقبول إقليمي حالياً، خصوصاً من القاهرة التي تدعمه على الرغم من كونه يعتمد على الإخوان المسلمين الذين هم العدو رقم واحد للنظام السياسي المصري، وفي المقابل ما الموقف الدولي من هذا التحرك، وكيف يجري التعامل معه من حيث الدعم أو الممانعة أو الانتظار. وأخيراً، هل من فرص فعلية لتهدئة الشارع السياسي السوداني وتدجينه بعد أن فشلت القوى السياسية في بلورة مشروع سياسي متوافق عليه، ويكون قادراً على تصعيد قائد سياسي يكون عنواناً للثورة، بالتالي يجري التعامل معه بديلاً من المشهد الصراعي للقوى السياسية السودانية؟
تبدو المخاوف الوجودية التي يواجهها السودان هي السبب الرئيس في تعويم سلطة الأمر الواقع بالخرطوم. هذه المخاوف يتشارك فيها النطاقان الدولي والإقليمي، ولعل مقولات فولكر بيرتس، رئيس البعثة الأممية بالسودان في مجلس الأمن، الشهر الماضي، تشير بوضوح إلى أن الأزمات السودانية تهدد وجود الدولة السودانية، وأنه يتجه نحو “انهيار اقتصادي وأمني ومعاناة إنسانية”.على الصعيد الاقتصادي توقف تدفق 1.4 مليار دولار من جانب المانحين الدوليين كان من المفترض أن تدعم الاقتصاد السوداني، أما على الصعيد الإنساني فإن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يتوقع أن يواجه ثلث سكان السودان مجاعة حادة بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل، خصوصاً بعد الحرب على أوكرانيا التي ضاعفت سعر طن القمح. ولعل ما يجري على الصعيد الأمني يتوج قائمة التحديات الوجودية بالسودان، إذ إن غياب الأمن على الصعيد العام يدفع نحو اعتصام الناس بمنازلهم، اعتباراً من مغرب كل يوم.
تغول حميدتي
هذه الثلاثية هي ما قال الفريق البرهان، رئيس المجلس السيادي في القاهرة، إنها أسبابه في تكوين حكومة تكنوقراط، ولعل ما لم يفصح عنه الرجل أن التغول الاقتصادي لنائبه، محمد حمدان دقلو، أصبح مقلقاً، خصوصاً بعد تسريبات اجتماع المجلس السيادي التي جرى تداولها إعلامياً بشأن الخلاف على اتجاه حميدتي للسيطرة على بنك السودان المركزي ووزارات الطاقة والمالية والنفط والمعادن، وهو ما يشير بوضوح إلى أن الرجل يتجه ليكون قوة ضاربة داخلياً، خصوصاً في ضوء امتداد قواته على المستوى العسكري إقليمياً، لا سيما في تشاد، التي يسعي أن تكون ظهيره في حال واجه تحديات بالسودان.
المكون العسكري السوداني أمام امتحان استعادة ثقة الشعب
القاهرة تحديداً على المستوى الرسمي تقبل من البرهان أطروحاته في هذه المرحلة، وأيضاً اتجاهه نحو الإفراج عن الإسلامويين، بحسبان أن أولاً: تغول حميدتي الداخلي والإقليمي يعيد إلى الذهنية السياسية العربية تجربة حزب الله في لبنان، وهو أمر غير مقبول على المستوى الإقليمي، ثانياً أن الصعود السياسي للإسلامويين لا يعني بالضرورة إنتاج الخطاب السياسي ولا الديني ذاته من جانبهم، في ضوء أنهم لم يعودوا في صدارة المشهد، وأن انتماءهم لنظام البشير هو وصمة عار يعانون منها، وأن القوى السياسية السودانية الأخرى فاعلة على الأرض، خصوصاً من جانب تنظيمات المقاومة الشبابية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.