بدأت جمعية “عناية” الصحية السعودية، وبدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، تنفيذ مبادرة طبية نوعية في مدينة بورتسودان، تستهدف إجراء عمليات جراحية دقيقة في مجال العظام بمستشفى العشي، وذلك ضمن جهود إنسانية ممتدة لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة الصحية في السودان الذي يواجه أزمة إنسانية خانقة.
الخطوة تأتي في سياق برنامج متكامل تقوده المملكة العربية السعودية لإعادة تأهيل القطاع الصحي السوداني، حيث تبنّت المملكة مشروعات واسعة النطاق تشمل صيانة وتجهيز سبعة مستشفيات حكومية في خمس ولايات، على رأسها مستشفى أم درمان التعليمي، الذي أُعيد تأهيله وتزويده بأحدث المعدات الطبية بدعم كامل من مركز الملك سلمان.
وفي السياق ذاته، عبّر مسؤولون سودانيون عن تقديرهم البالغ لهذا الدعم. وقال الدكتور عصام حسن، مدير خدمات الدم بوزارة الصحة الاتحادية، إن الدور السعودي تجاوز حدود الإغاثة إلى الشراكة الفعلية في بناء النظام الصحي من جديد، مؤكدًا أن المملكة كانت وما زالت حاضرة إلى جانب الشعب السوداني في أصعب الظروف.
وفي ولاية البحر الأحمر، أشادت الدكتورة أحلام عبد الرسول، مديرة عام قطاع الصحة، بالقوافل الجراحية السعودية، التي ساهمت في توطين العلاج وتقليل الحاجة إلى تحويل المرضى للخارج، مشيرة إلى أن الأدوية والمعدات التي وفرتها المملكة كان لها أثر مباشر في دعم المستشفيات الميدانية.
من جهته، أوضح السفير السعودي لدى السودان، علي بن حسن جعفر، أن المبادرات الطبية التي تنفذها المملكة تحمل بعدين: إنساني ومهني، وتهدف إلى تعزيز التعاون بين الأطباء السودانيين والسعوديين، وبناء قنوات دائمة لتبادل الخبرات والمعرفة.
أما الدكتور الزبير عبد الحميد، مدير مستشفى العشي، فكشف أن الفريق الطبي السعودي سينفّذ خلال خمسة أيام أكثر من ثلاثين عملية جراحية متخصصة، تشمل جراحات العمود الفقري وإصابات الحوادث المعقدة، وهو ما وصفه بأنه تطور نادر ومطلوب في ظل نقص الإمكانيات والتجهيزات.
وأكد الزبير أهمية استمرار هذه الحملات وتوسيع مجالاتها لتشمل تخصصات دقيقة، لافتًا إلى أن مثل هذه المبادرات تحيي الأمل في نظام صحي سوداني أكثر قدرة على الاستجابة.
في مجملها، تعكس هذه التحركات الإنسانية السعودية تحولًا نوعيًا في مفهوم الإغاثة، حيث لا تكتفي المملكة بالمساعدات الطارئة، بل تسعى إلى ترميم ما تهدّم، وبناء بنية تحتية صحية مستدامة في بلد أنهكته الحرب. ويبرز مركز الملك سلمان بوصفه ذراعًا إنسانية تنفذ مشاريع نوعية، تحمل أبعادًا تنموية طويلة الأجل، تجسّد روح التضامن والتكامل بين الرياض والخرطوم.