Ultimate magazine theme for WordPress.

قرار مصيري من مجلس الوزراء

0

في محاولة جادة لكسر حلقة النزاعات المستمرة وإعادة النسيج الاجتماعي المتآكل، أعلن مجلس الوزراء الانتقالي في السودان عن تأسيس “المجلس الأعلى للسلم الاجتماعي” بموجب القرار رقم (96) لعام 2025، في خطوة تعتبر بمثابة خارطة طريق جديدة نحو المصالحة الوطنية وإنهاء الصراعات المجتمعية المتجذرة.

 

يأتي إنشاء هذا المجلس في لحظة دقيقة تمر بها البلاد، حيث تتفاقم الانقسامات القبلية وتتعمق آثار الحرب المستمرة، ما جعل الحاجة إلى إطار مؤسسي لمعالجة الجراح المجتمعية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. ويُؤمل أن يُشكل المجلس منصة دائمة للحوار، تعيد الثقة بين القبائل والمجتمعات، وتُغني لغة السلاح بلغة التفاهم.

 

المجلس الذي وُلد وسط هذا المشهد المضطرب، سيُعهد إليه بتنفيذ رؤية استراتيجية لبناء السلام الأهلي، من خلال نشر ثقافة التسامح وقيم المصالحة، ورصد النزاعات المجتمعية وطرح حلول واقعية تستند إلى دراسات ميدانية واستشارات شعبية.

 

وقد أسندت رئاسة المجلس إلى النور الشيخ النور الشيخ، وهو أحد أبرز رموز الإدارة الأهلية وصاحب سجل طويل في الوساطات القاعدية. كما تم تعيين إسحق ميرغني الشيخ حمد النيل نائبًا للرئيس، إلى جانب عاليا حسن أبونا في منصب الأمين العام، وهي ناشطة معروفة في مجالات بناء السلام وتمكين المرأة.

 

وتشير ملامح التشكيل إلى تنوع لافت في الخلفيات والتجارب، الأمر الذي قد يساعد في بناء جسور حقيقية مع المجتمعات المحلية، خصوصًا في المناطق المنهكة من النزوح والصراعات مثل دارفور، كردفان، وشرق السودان.

 

وسيعمل المجلس على دعم المبادرات الشعبية، وتمكين قادة المجتمع من لعب دور فاعل في فض النزاعات، مع التركيز على المقاربة القاعدية بدلاً من الحلول الفوقية المفروضة. كما سيبني المجلس شبكات تواصل مجتمعية، ويقدم مقترحات للحكومة مبنية على أرض الواقع.

 

ويرى مراقبون أن مصداقية المجلس واستقلاله عن الأجندات السياسية ستكون المفتاح الحقيقي لنجاحه، داعين إلى إشراك الشباب، والنساء، والقيادات التقليدية والدينية في آليات عمله.

 

ويُعَوَّل على هذا الكيان الوليد أن يتحول من مجرد هيئة استشارية إلى قوة مجتمعية فاعلة تجترح حلولًا سودانية خالصة لأعقد الملفات القبلية والمجتمعية، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى أدوات مدنية تدعم السلام المستدام، وتستبدل الانقسام بالتماسك، والصراع بالتفاهم.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.