في تحرك يُعد من أقوى مؤشرات استعادة الدولة لزمام المبادرة داخل العاصمة السودانية، أعلنت الشرطة عن خطة أمنية محكمة لتأمين ولاية الخرطوم، تزامنًا مع توجيهات القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، القاضية بإخلاء العاصمة من التشكيلات العسكرية خلال أسبوعين.
الشرطة في طليعة مشهد السيطرة الأمنية
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الشرطة، اللواء فتح الرحمن محمد التوم، أن القوات النظامية ستتولى قيادة مشهد الأمن بشكل كامل، مؤكداً أن الشرطة ستكون في مقدمة المنفذين للخطة الجديدة، عبر انتشار محكم في المعابر والمداخل والجسور والأحياء، إلى جانب إنشاء ارتكازات دائمة وأطواق أمنية لمنع أي تسللات أو اختراقات.
من العسكرة إلى الأمن المدني.. الخرطوم تستعيد هويتها
ويأتي هذا التحول بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على تحرير العاصمة من سيطرة قوات الدعم السريع، والتي كانت قد فرضت وجودًا عسكريًا في أجزاء واسعة من الخرطوم منذ بداية الحرب.
وعلى الرغم من التحرير، ظلت المدينة تعاني من تفلتات أمنية خطيرة، وعمليات نهب واعتداءات، وسط اتهامات بضلوع مجموعات مسلحة لا تزال تنشط تحت غطاء عسكري.
إقرار بالمخاطر.. ومواجهة استباقية
واعترف التوم بأن الوضع الأمني لا يزال هشًا، مشيرًا إلى تسجيل حوادث متفرقة يجري التعامل معها ميدانيًا، ونجحت الشرطة في توقيف عدد من المشتبه بهم، والذين يُخضعون حاليًا لتحقيقات تحت إشراف النيابة. وأكد أن انتشار السلاح والخلايا النائمة يفرض تحديات حقيقية، إلا أن الشرطة تعتمد على تكتيكات تدريبية واستعدادات متقدمة للحد من تلك التهديدات.
مرحلة اختبار حقيقية للأجهزة النظامية
ويُنظر إلى خطة إخلاء الخرطوم من التشكيلات العسكرية كاختبار لجدية الدولة في تثبيت سلطة القانون، وإعادة التوازن بين السلطة المدنية والأمنية، خاصة في ظل استمرار تأثير الفصائل المسلحة على الأرض. ويرى محللون أن النجاح في تنفيذ هذه الخطة سيفتح الطريق نحو تحقيق الاستقرار الفعلي، وإنهاء حالة الفوضى والانفلات.
بين الخطر والفرصة.. عاصمة على مفترق طرق
في ظل تصاعد نشاط الجماعات المسلحة وانتشار السلاح، تواجه الشرطة تحديًا كبيرًا في فرض هيبتها كجهاز أمني مدني مستقل.
لكن التطمينات الصادرة من القيادات الأمنية تشير إلى وجود دعم سياسي وأمني كامل لإنجاح المهمة، ما يفتح نافذة أمل لعودة الخرطوم إلى وضعها الطبيعي كعاصمة موحدة وآمنة تحت راية القانون.