في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية بولاية غرب كردفان، دقّت غرفة طوارئ دار حمر ناقوس الخطر، معلنة عن انتشار مروّع لوباء الكوليرا داخل عدد من مراكز الإيواء بالريفين الغربي والجنوبي لمحلية النهود، حيث أودى المرض بحياة 15 شخصًا وأصاب أكثر من 250 آخرين حتى اللحظة.
الماء الملوث… أصل الكارثة
وأرجعت الغرفة تفشي المرض إلى أزمة حادة في الحصول على مياه شرب آمنة، مؤكدة أن غالبية المصابين اضطروا لاستهلاك مياه ملوثة بعد خروج مصادر المياه من الخدمة، إما بفعل التدمير أو السيطرة عليها بالقوة. وفي هذا السياق، وجّهت الغرفة اتهامات مباشرة لقوات الدعم السريع بالتسبب في تدهور البيئة الصحية، مشيرة إلى أن تصرفاتها الميدانية عطلت منظومات المياه في مناطق واسعة من المحلية.
انهيار كامل في النظام الصحي المحلي
وكشفت غرفة الطوارئ أن المراكز الصحية غير قادرة على التعامل مع حجم الإصابات المتصاعد، نتيجة نقص فادح في الكوادر الطبية، وانعدام الأدوية ومستلزمات الطوارئ. وحذّرت من أن الوضع يتجه نحو كارثة إن لم تتدخل الجهات الإنسانية والصحية بشكل فوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي
في بيان عاجل، وجّهت الغرفة مناشدة إلى منظمة الصحة العالمية، وأطباء بلا حدود، والهلال الأحمر، مطالبة بإرسال فرق طبية ومساعدات طارئة، للحد من انتشار المرض ومنع تحوله إلى وباء إقليمي قد يمتد إلى ولايات أخرى.
النهود… بؤرة معاناة مركبة
تعيش محلية النهود على وقع أزمة إنسانية مركبة، إذ تجمع بين تداعيات الحرب، والنزوح الواسع، وانهيار البنية التحتية. آلاف الأسر التي فرت من جحيم المعارك استقرت في مناطق تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ما جعلها أرضًا خصبة لتفشي الأوبئة، وعلى رأسها الكوليرا.
مخاوف من توسع رقعة الوباء
مصادر طبية حذرت من أن بطء الاستجابة وتضارب المسؤوليات قد يسهما في انتقال العدوى إلى مناطق أخرى داخل غرب كردفان أو خارجها، ما لم يتم فرض حجر صحي صارم، وضمان توفير المياه النقية ومواد النظافة والتعقيم على نحو عاجل.
الختام: حين تصبح الكارثة نتيجة حتمية للإهمال
بينما تتقاذف الجهات المتصارعة الاتهامات، يدفع المدنيون وحدهم ثمن الكارثة. تفشي الكوليرا في النهود ليس مجرد حدث عابر، بل مرآة واضحة لانهيار المنظومة الصحية والإنسانية في السودان، وسط تجاهل رسمي وصمت دولي يطرح تساؤلات مؤلمة: هل يحتاج الموت الجماعي في مناطق النزاع إلى صور أكثر مأساوية ليدفع العالم إلى التحرك؟