امواج نيوز

المستجدات الاقتصادية لـ البنك الدولي

البنك الدولي: تقرير نصف سنوي حول المستجدات الاقتصادية في 6 مناطق عالمية

متابعات _ امواج نيوز _ أصدر البنك الدولي تقريره نصف السنوي عن المستجدات الاقتصادية العالمية، الذي يتناول أبرز اتجاهات التنمية الاقتصادية والتحديات التي تواجهها مناطق العالم المختلفة. جاء هذا التقرير بالتزامن مع اجتماعات الربيع لعام 2024، التي عقدت في واشنطن العاصمة بحضور كبار قادة الاقتصاد الدولي وصنّاع السياسات الاقتصادية. يركز التقرير على ست مناطق رئيسية هي: شرق آسيا والمحيط الهادئ، جنوب آسيا، أفريقيا جنوب الصحراء، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ومنطقة أوروبا وآسيا الوسطى.

 

شرق آسيا والمحيط الهادئ: نمو قوي رغم التوترات العالمية

منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ تتصدر التقارير العالمية من حيث النمو الاقتصادي المتسارع. إذ يُتوقع أن تستمر هذه المنطقة في تسجيل معدلات نمو قوية، على الرغم من تزايد التوترات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم حالياً. وتُظهر التحليلات أن النمو في هذه المنطقة مدفوع بتوسع التجارة والطلب المحلي، وهو ما يساهم في توزيع المنافع على نطاق واسع بين دول المنطقة.

لكن المنطقة لا تخلو من التحديات، إذ يواجه العديد من بلدان شرق آسيا تأثيرات التوترات التجارية العالمية والتقلبات في أسعار السلع الأساسية. كما أن هناك تساؤلات حول تأثير التطورات التكنولوجية مثل الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والمنصات الرقمية على سوق العمل. وفي هذا السياق، تناول التقرير قضية تأثير هذه التقنيات الجديدة على مستويات الأجور وفرص العمل في المنطقة. وقد أشار البنك الدولي إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لتخفيف الآثار السلبية لهذه التكنولوجيات على العمالة في المستقبل.

جنوب آسيا: المنطقة الأسرع نمواً في العالم

منطقة جنوب آسيا تظهر في التقرير كأحد أبرز محركات النمو الاقتصادي العالمي، حيث من المتوقع أن يسجل معدل النمو في المنطقة 6.4% خلال عام 2024. هذا النمو مدعوم أساساً بالطلب المحلي المتزايد، خاصة في الهند، فضلاً عن التحسن الكبير في اقتصادات بعض البلدان الأخرى في المنطقة.

لكن البنك الدولي يشير إلى أن هناك المزيد من الفرص التي يمكن استغلالها لزيادة وتيرة النمو في هذه المنطقة. على وجه الخصوص، يُعد تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة أحد العوامل الأساسية لتحقيق هذا النمو. يذكر التقرير أن جنوب آسيا تعد واحدة من المناطق التي تشهد أدنى معدلات مشاركة للنساء في سوق العمل، حيث يُتوقع أن يؤدي تحسين هذه المعدلات إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة تصل إلى 51%.

كما أكد التقرير على أهمية الإصلاحات الهيكلية، مثل إزالة الحواجز أمام الاستثمار والتجارة، لتحفيز النمو الاقتصادي. ويؤكد البنك الدولي أن المنطقة تمتلك إمكانات كبيرة في حال تمكّنت من تطبيق هذه الإصلاحات.

أفريقيا جنوب الصحراء: نمو ضعيف وتحديات مستمرة

تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بعض التحسن في معدل النمو، الذي يُتوقع أن يصل إلى 3% في عام 2024، بعد أن كان قد بلغ أدنى مستوى له في عام 2023 عند 2.4%. إلا أن هذا التحسن يبقى ضئيلاً مقارنة بالتحديات المستمرة التي تواجهها المنطقة. حيث تشير التوقعات إلى أن نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة سيظل منخفضاً، وهو ما يعني أن مستويات المعيشة لن تشهد تحسناً كبيراً.

النمو المدعوم بالاستهلاك الخاص والمساهمات الاستثمارية يعكس الانتعاش في العديد من الاقتصادات الأفريقية، لكن التقارير تشير إلى أن هناك ضرورة لتسريع وتيرة النمو بشكل أكبر من أجل تقليص معدلات الفقر المدقع وتعزيز رفاهية المواطنين. كما يؤكد التقرير على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، وضرورة تحسين جودة التعليم وتوفير المهارات الأساسية للشباب، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل الذي يشهد تحولاً سريعاً.

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: نمو محدود في ظل الصراعات

في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يُتوقع أن يشهد الاقتصاد الكلي نمواً طفيفاً بنحو 2.2% في عام 2024، وهو ما يُعد تحسناً محدوداً مقارنة بالعام 2023 الذي سجل نمواً بلغ 1.8%. ويعود هذا النمو المحدود إلى العديد من العوامل، أبرزها الصراعات المستمرة في بعض بلدان المنطقة، مثل النزاع الفلسطيني والصراعات في سوريا وليبيا واليمن. هذه الصراعات تؤثر سلباً على الاقتصاد، مما يعوق فرص التنمية والنمو.

التقرير يشير إلى أن استمرار هذه النزاعات قد يؤدي إلى تقليص متوسط دخل الفرد في المنطقة بنسبة 45% بعد سبع سنوات من اندلاع الصراعات. ومن أجل تسريع النمو في هذه المنطقة، يُوصي البنك الدولي بضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة تركز على تحسين الاستقرار السياسي والاقتصادي.

أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي: فرص للنمو رغم التحديات

تُظهر منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي نمواً معتدلاً في عام 2024، حيث يُتوقع أن يُسجل إجمالي الناتج المحلي نمواً بنسبة 1.9%. ورغم هذا التحسن الطفيف مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن هذه المعدلات لا تزال تعتبر غير كافية لتحقيق تقدم كبير في الحد من الفقر أو تعزيز مستويات المعيشة في المنطقة.

التقرير يشير إلى أن هناك حاجة ملحة للاستفادة من الزخم الحالي، والاستثمار في تحسين مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمارات الخاصة والعامة. كما يناقش التقرير أهمية خفض مستويات التضخم، خاصة في دول مثل البرازيل وبيرو، التي تتبع سياسات ناجحة للتحكم في معدلات التضخم.

أوروبا وآسيا الوسطى: تباطؤ في النمو الاقتصادي

منطقة أوروبا وآسيا الوسطى تشهد تباطؤاً في نمو اقتصاداتها النامية، حيث يُتوقع أن ينخفض النمو من 3.5% في عام 2023 إلى 3.3% في عام 2024. ويرجع هذا التباطؤ إلى انخفاض الطلب الخارجي وضعف التوسع الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي وروسيا. كما يتوقع التقرير أن يستمر هذا التباطؤ في عام 2025، مما قد يؤثر سلباً على فرص النمو في المنطقة.

إحدى أهم التوصيات التي أوردها البنك الدولي في هذا السياق تتعلق بإصلاح نظم التعليم، خاصة التعليم العالي، لتعزيز المهارات البشرية ودعم النمو الاقتصادي المستدام. ويؤكد البنك على أهمية تحديث الأنظمة التعليمية لتلبية احتياجات سوق العمل المتغير وتحقيق المزيد من التقدم نحو النمو الاقتصادي.

الختام: تعزيز التعاون الدولي وتبني الإصلاحات

وفي ختام التقرير، يُدعو البنك الدولي إلى تعزيز التعاون الدولي بين الدول لتبادل المعرفة والخبرات في سبيل مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية. ويشدد التقرير على ضرورة تبني سياسات إصلاحية على مختلف الأصعدة، من أجل تحقيق نمو شامل ومستدام، والحد من الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية.

ويؤكد التقرير أن المستقبل يحمل فرصاً كبيرة للعديد من الدول في حال تمكنت من تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتحقيق استقرار اقتصادي وبيئة مواتية للنمو المستدام.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.