امواج نيوز

دقلو والجنيد: من تجارة الذهب إلى قلب العاصفة السودانية تفاصيل تكشف

الجنيد: إمبراطورية الذهب والطرق بين الاتهامات والنفوذ المتصاعد

متابعات _ امواج نيوز _ برزت شركة الجنيد للأنشطة المتعددة المحدودة خلال السنوات الأخيرة كأحد أبرز الأسماء في المشهد الاقتصادي السوداني، وذلك بعد توسعها اللافت في عدد من القطاعات الحيوية مثل التعدين والإنشاءات والطرق والنقل. ومنذ تأسيسها في العام 2009 على يد عبد الرحيم دقلو، شقيق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، شقت الشركة طريقها بثبات لتصبح كيانا اقتصاديا ضخما يمتلك شبكة من الفروع تمتد عبر مختلف الولايات، وتتخذ من الخرطوم مقرا رئيسيا لها.

ورغم أن الشركة انطلقت في بداياتها من أنشطة تجارية بسيطة، فإنها سرعان ما اتجهت إلى الاستثمار في قطاع التعدين، حيث بدأت عبر التعدين التقليدي ثم انتقلت إلى الإنتاج المنظم، وأسست مواقع ومصانع بعدة مناطق استراتيجية مثل جبل عامر وصنقو وجنوب كردفان، قبل أن تتعرض بعض منشآتها للحرق والتخريب. كما وسّعت الجنيد من حضورها في قطاع الإنشاءات، ونفذت مشاريع كبيرة، من بينها طريق نيالا–كاس، الذي تسلمته بعقد رسمي عبر إجراءات تنافسية حكومية بحسب ما صرّحت به إدارة الشركة.

لكن مع هذا التوسع، لم تسلم الجنيد من الجدل. فقد وُجهت إليها انتقادات محلية ودولية على خلفية ارتباطها الوثيق بقوات الدعم السريع، لاسيما أن مؤسسها يشغل منصب نائب قائد تلك القوات. وانتشرت تقارير تشير إلى استخدام الجنيد كذراع اقتصادي يمول الدعم السريع، خاصة بعد حصولها على امتيازات كبيرة في مناطق غنية بالذهب مثل جبل عامر. وقد نفت الشركة مرارًا هذه الاتهامات، مؤكدة أنها كيان قانوني مستقل، وأن تأسيسها سبق ظهور قوات الدعم السريع التي تشكلت رسميًا في 2013.

في هذا السياق، نشرت وكالة رويترز في 2019 تقريرًا موسعًا سلط الضوء على سيطرة عائلة دقلو على مناجم الذهب، مشيرة إلى تجاوزات تتعلق بتصدير الذهب وتوريده للبنك المركزي بسعر تفضيلي. وردّت إدارة الشركة حينها بأن تعاملاتها تمت وفقًا للوائح وأنظمة الدولة، وأنها صدرت نحو 3.5 أطنان من الذهب خلال الفترة ما بين ديسمبر 2018 وأبريل 2019، مؤكدة أن العائدات أُودعت بالكامل في بنك السودان المركزي مقابل استيراد الوقود، ونفت تمامًا أي تورط في التهريب أو التصدير غير القانوني، بما في ذلك شحن الذهب جوًا إلى خارج البلاد، خصوصًا إلى تشاد ودبي.

ومع تصاعد النزاع المسلح في السودان، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة الجنيد منتصف عام 2023، بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، متهمة إياها بالضلوع المباشر أو غير المباشر في تهديد السلم والأمن بالسودان. جاء ذلك بالتزامن مع تقارير دولية وإعلامية تتهم الشركة بلعب دور في النزاعات المحلية بإقليم دارفور، خاصة في المناطق الغنية بالموارد مثل جبل مون، حيث أفاد تقرير لصحيفة “لاكروا” الفرنسية بأن بعض شركات التعدين، وعلى رأسها الجنيد، تسعى للسيطرة على احتياطات الذهب، مما تسبب في توترات مجتمعية وأعمال عنف، وفقًا لشهادات من سكان المنطقة وممثلين عن قبائل محلية.

وفي مارس 2020، أعلنت وزارة الطاقة والتعدين السودانية أن شركة الجنيد تنازلت رسميًا عن امتيازها في جبل عامر للحكومة السودانية، في خطوة اعتُبرت استجابة للضغوط الشعبية والإعلامية، بعدما أثار استحواذ الشركة على هذا المنجم الاستراتيجي الكثير من الجدل، باعتباره أحد أكبر مصادر إنتاج الذهب في السودان.

ورغم الانتقادات المتواصلة، تواصل شركة الجنيد أنشطتها في قطاعات متعددة، من أبرزها معالجة مخلفات التعدين عبر تقنيات حديثة في مناطق مثل حفرة النحاس، فضلًا عن مشاريع الطرق والجسور التي تديرها منذ العام 2016، إضافة إلى نشاطها في قطاع النقل البري عبر أسطول مخصص لنقل المعدات والموارد. وتصر الشركة على أنها تعمل ضمن إطار القانون، وأنها تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، رغم التحديات الأمنية والسياسية التي تحيط بأنشطتها في السودان.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.