Ultimate magazine theme for WordPress.

آثار في مهب الريح.. نهب قطع ذهبية نادرة من المتحف القومي

0

وسط أجواء الانفلات الأمني التي تخيم على العاصمة الخرطوم منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، تفجّرت فضيحة جديدة تهز وجدان السودانيين؛ إذ جرى الكشف عن سرقة ممنهجة لمجموعة من الكنوز الذهبية النادرة من داخل المتحف القومي، تشمل تيجانًا ومجوهرات تعود لعصور ممالك نبتة ومروي، وهي مقتنيات توصف بأنها لا تُقدر بثمن، وتشكل جزءًا أصيلًا من الذاكرة التاريخية للشعب السوداني.

 

عملية السطو، بحسب روايات متقاطعة من خبراء آثار وموظفين سابقين، لم تكن عشوائية أو ناتجة عن فوضى عابرة، بل خُطِّط لها بعناية وعلى مراحل. واستُهدفت فيها القطع الذهبية تحديدًا، لسهولة تهريبها وصهرها وبيعها في الأسواق المظلمة، ما يُحوِّل التحف النادرة إلى ذهب خام، ويمحو معها قرونًا من التاريخ والحضارة. أحد المختصين وصف ما يحدث بـ”الإعدام البطيء لذاكرة الأمة”.

 

ورغم هذه الكارثة، نجا تمثال الملك النوبي الشهير تهارقا من السرقة أو العبث، في مشهد اعتبره حراس الذاكرة الثقافية “نجاة استثنائية”. فالتمثال الذي يُجسّد زعيم مملكة كوش، ويمثل رمزًا للقوة الأفريقية في التاريخ القديم، ظل شامخًا وسط أنقاض الخراب، ليبقى شاهدًا على صمود حضارة مهددة بالفناء.

 

مصادر مطلعة تربط وقائع السرقة بعناصر مسلحة متورطة في نهب منظم، وتُرجّح تورط شبكات تهريب دولية، بعضها على صلة بقوى مسيطرة ميدانيًا. وبينما تتبادل الأطراف الاتهامات، لا تزال إجراءات حماية المتاحف والمواقع الأثرية غائبة تمامًا، ما فتح الباب أمام مسلسل نهب بلا حسيب ولا رادع.

 

ويحذّر باحثون من أن ما حدث ليس مجرد خسارة مادية، بل انهيار لرموز سيادية تعبر عن هوية حضارية ضاربة في عمق التاريخ. فتلك المقتنيات كانت تحكي قصة السودان قبل آلاف السنين، وترسم صورة لتعدد حضاراته، من كوش إلى مروي إلى الممالك الإسلامية. ومع كل قطعة تُفقد، تُطوى صفحة من هذا التاريخ، ربما إلى الأبد.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.