حسين خوجلي يرثي الكابلي ويكتب..

0

وانطفأت الشمعة التي (ضوت للقلوب الفي السهر مجتمعة)ودارت الأيام السودانية شحيحةً بالأعراس كثيفةً بالمآتم، ومن بين تصاريفها رحل كابلي دون وداع ودون إذنٍ بالانصراف، غابت سيماء رسمهِ وبقيت سماةُ حرفهِ لتبقى ابتدارات الأحرف في الاسم الوضئ مدخلاً لعالمه العبقري الفياض.

(فكاف البداية) هي صداقة الأرواح والأفكار والأشعار مع صديق مدثر وأمدرمان: (كان) بالأمس لقاء عابرا كان وهما كان رمزا عبقرياكان لولا أنني ابصرته وتبينت ارتعاشا في يديا بعض أحلامي التي انسجها في خيالي واناجيها ملياوكانت (ألفه) شعاراً لجسارةِ المناضلات الجزائريات وبطولة العواصم وهي ترنو صوت حق تقرير المصير والاستقلال في قصيدة البحريني علي شريحة:(أغلى) من لؤلؤة بضةصيدت من شط البحرينلحن يروى مصرع فضةذات العينين الطيبتينكتراب الحقل كحفنة ماءكعناق صديقين عزيزين كملابس جندى مجروح مطعون بين الكتفين ذات الخطوات الموزونةكصدى الأجراس المحزونةكلهاة الطفل بقلب سريرلم تبلغ سن العشرين

واختارت جيش التحريروكانت ( باؤه) استدعاءً لرفيع الأدب العربي برائعة أبي فراس:(بدوتُ) وأهلي حاضرونَ لأننيأرى أنَّ داراً لستِ من أهلها قفرُوَحَارَبْتُ قَوْمي في هَوَاكِ وإنّهُمْ وإيايَ لولا حبكِ الماءُ والخمرُ تُسائِلُني مَن أَنتَ وَهيَ عَليمَةٌوَهَل بِفَتىً مِثلي عَلى حالِهِ نُكرُفَقُلتُ كَما شاءَت وَشاءَ لَها الهَوى قَتيلُكِ قالَت أَيَّهُم فَهُمُ كُثرُ فكانت عصي الدمع والكابلي وأم كلثوم في زيارتها عام ١٩٦٧ دعما للمجهود الحربي حين كانت الخرطوم يومها تنصح وتمنح.

وكانت (لامه) أنشودة المجذوب المباركة في إحياء مولد المصطفى سيد الرجال والرسل وبشارة هداية الدنيا: (ليلة) المولد يا سر الليالي والجمالِ وربيعاً فتن الأنفس بالسحر الحلال موطني المسلم في ظلك مشبوب الخيالأيكون الخير في الشر انطوى والقوى خرجت من ذرةهي حبلى بالعدم؟

أتراها تقتل الحرب وتنجو بالسلم؟

ويكون الضعف كالقوة حقا وذماماسوف ترعاه الامموتعود الأرض حبا وابتساماربِّ في موطني المسلم قد عدنا إليكاما اعتمدنا ربنا إلا عليكاوذكرنا الهادي المختار ذكرىملأت أرواحنا طُهراً وصبراصل ياربّ عليهوتجاوز عن ذنوبي واغفرِوأعني بمتابٍ أكبرِفزماني ولعٌ بالمنكرِوكانت (ياؤه): (يا) صحابي صانعي المجد لشعبي يا شموعا ضؤها الأخضر قلبييا صحابي وعلى وهران يمشي أصدقائي والقنال الحر يجري في دمائي وأنا في قلب افريقيا فدائيوهنا وقف عبد الناصر مصفقاً لدقائق مثمرات بالخرطوم وكريم يردد: مصر يا أخت بلادي يا شقيقةيا رياضا عذبة النبع وريقةوإني أعترفُ بأنني على سعةِ ما قرأتُ في أخبارِ الأدباء والظرفاء والمغنين لم أجد مغنياً عربياً منذ زرياب والموصلي ودرويش والخليل وثوما وعبد الوهاب وحليم وفيروز ووديع أكثر حزقاً وتعدداً وإحاطةً وثقافةً وإبداعاً من عبد الكريم عبد العزيز الكابلي باختصار الكابلي الشاعر والملحن والمغني والباحث والمثقف والمترجم والمؤرخ ورجل المجتمع وعطر المنابر والمنتديات لم يكن أحد المطربين العرب الكبار بل كان بنظرية الحب الكبير أميرُ الفنانين وسلطان العاشقين.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.