في ظل تصاعد الأزمات وتفاقم المعاناة، أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) تحذيرًا جديدًا من تدهور كارثي في الوضع الإنساني بالسودان، حيث تتفاقم مشاهد الجوع والمرض والنزوح وسط صراع دموي مستمر يعوق وصول الإغاثة إلى ملايين المحتاجين.
مجاعة تطرق أبواب دارفور والنازحون في مهب الريح
في شرق دارفور، يواجه نازحو مخيم “لقاوة” خطر الجوع بعد أن تجاوز عدد قاطنيه 7 آلاف شخص وسط ندرة الغذاء وشحّ في الدعم الطبي، بينما لا تزال الاشتباكات تعرقل دخول القوافل الإنسانية، ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة.
أما في الفاشر، المدينة المحاصَرة شمال دارفور، فتشير تقارير ميدانية إلى سقوط ضحايا جوعًا مع توقف المطابخ المجتمعية عن العمل نتيجة انعدام التموين. ونقل فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، صورة صادمة عن اضطرار بعض السكان إلى تناول علف الحيوانات لمجرد البقاء على قيد الحياة.
الكوليرا تتفشى والمياه النظيفة عملة نادرة
في محلية طويلة، كثّفت وكالات الإغاثة الأممية جهودها لمكافحة تفشي الكوليرا من خلال دعم مراكز العلاج، إلا أن نقص الإمدادات والمياه الصالحة للشرب ووسائل الصرف الصحي ما زال يحد من فعالية التدخلات، في وقت تتسابق فيه الفرق الطبية مع الزمن لاحتواء انتشار المرض.
الكوارث المناخية تفاقم المشهد
في شمال كردفان، تسببت الأمطار الغزيرة في تشريد مئات السكان وتدمير أكثر من 170 منزلًا بمنطقة الرهد، فيما غمرت السيول مخيم “غرب المطار” في كسلا، متسببة في أضرار لحقت بما يزيد عن 6 آلاف نازح، أغلبهم من النساء والأطفال، الذين باتوا مكشوفين للبرد والأمراض وسط ظروف إنسانية قاسية.
بورتسودان تختنق بالحر والوفيات تتصاعد
وفي الشرق، سجّلت مدينة بورتسودان درجات حرارة وصلت إلى 47 مئوية، ما أدى إلى وفاة 3 أشخاص وإصابة أكثر من 50 بضربات شمس خلال أسبوع واحد، وسط انقطاع مزمن في الكهرباء ونقص في أجهزة التبريد والأدوية، مما أرهق الكوادر الطبية ودفعهم لمناشدة المجتمع الدولي لتوفير الدعم الطارئ.
تحذير أممي من انهيار إنساني وشيك
في مؤتمره الصحفي اليومي، أكد فرحان حق أن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في السودان للعام 2025، التي تستهدف مساعدة 21 مليون شخص، لم تحصل سوى على 23% فقط من التمويل المطلوب، أي أقل من ربع المبلغ المُقدّر بـ4.2 مليار دولار.
وحذر مكتب “أوتشا” من أن استمرار هذا التراجع في التمويل سيؤدي إلى كارثة واسعة النطاق، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرّك العاجل قبل أن تصبح الأزمة خارج السيطرة.