في خطوة قضائية غير مسبوقة، أعلنت النيابة العامة في السودان، صباح اليوم، عن فتح ثلاث دعاوى جنائية جديدة ضد عدد من قادة الحركات المسلحة والمتورطين في الانتهاكات الواسعة التي شهدتها مدن الفاشر وكادقلي والدلنج، وذلك استنادًا إلى بلاغ رسمي قُدم إلى اللجنة الوطنية للتحقيق في الجرائم والانتهاكات الجسيمة للقانونين الوطني والدولي الإنساني.
البلاغ تضمن توثيقًا دقيقًا لهجمات ممنهجة نفذتها ميليشيات متمردة مدعومة بتحالفات مدنية وتنظيمات مسلحة، استهدفت الأحياء السكنية والبنى التحتية، وتسببت في فرض حصار خانق أدى إلى تجويع السكان وحرمانهم من المياه الصالحة والخدمات الأساسية. كما نُسب للمتهمين تورطهم في عمليات تهجير قسري، وقصف عشوائي، وتدمير مقصود للأعيان المدنية.
إحدى الدعاوى، التي قُيدت بشكل مستقل، تناولت إعلان تشكيل “مجلس رئاسي” في جنوب دارفور، في خطوة وصفتها النيابة بأنها محاولة انقلابية تمس النظام الدستوري القائم، وتشكل تهديدًا مباشرًا لسيادة الدولة ووحدتها.
وقد تم قيد القضايا تحت الأرقام (4967، 4968، 4969) للعام 2025، بموجب مواد جنائية خطيرة من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م (تعديل 2020م)، من بينها مواد تتعلق بتقويض النظام الدستوري، والتحريض على التمرد، وإثارة الفتن داخل القوات النظامية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.
وشملت لائحة المتهمين شخصيات بارزة، من بينها:
محمد حمدان دقلو (حميدتي)
عبد العزيز الحلو
الهادي إدريس
محمد التعايشي
وآخرون من قيادات الحركات المسلحة والسياسية.
النيابة أكدت بدء إجراءات التحقيق، من خلال الاستماع لإفادات الضحايا والشهود، تمهيدًا لاستكمال ملف الاتهام وإحالة المتهمين للمساءلة القانونية.
تأتي هذه الخطوة في وقت حرج يشهد فيه السودان صراعًا معقدًا على الأرض، يُتهم فيه أطراف محلية وإقليمية بارتكاب فظائع وانتهاكات واسعة النطاق بحق المدنيين، وسط مطالب متزايدة بفرض العدالة الدولية ومحاكمة المتورطين.