زاهر بخيت الفكي يكتب ..التعفُف شيمتنا يافوزي ..!

0

امواج نيوز :

في خمسينياتِ القرن الماضي انتصر الفنان المصري الكبير محمود مُرسي لنفسه ولبلاده، بتقديمه لاستقالته على الهواء مُباشرة من هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي) عندما كان يعمل فيها مُذيعاً للأخبار، في زمانٍ كان العمل فيها حُلُماً يُراود كبار أهل الإعلام في الشرق الأوسط الكبير، ألقى المايكرفون، وعاد إلى بلاده بلا أسف على فقدانه للوظيفة البراقة، وعلى ما كان يحصُل عليه من مُقابلٍ مادي، وبرّر استقالته بأنّ الإذاعة ظلّت تتعمّد في برامجها الاساءة لبلاده ولنظامها السياسي، بالرغم من اقراره بأنّ الاذاعة لم تُكلفه أبداً بقراءة أي شئ سالب يتعلّق بمصر، ولكنّها الوطنية الحقة لمن لا يعلم. إنّها ليست مجرد كلمة تعني فقط التغني للبلاد والهُتاف لساستها كما نعتقد نحن.

لم يُبالي مُذيع (التقارير) الكبير في قناة الجزيرة القطرية السوداني فوزي بُشرى من قراءة تقرير رُبما أعده بنفسه عن موكب 21 / أكتوبر ضمنه إشارات جارحة غريبة ومُفردات عجيبة، زعم فيها أنّ الفقر دفع بعض أهل بلاده للتدافُع على اعتصام القصر الجمهوري لأجل (العطايا)، والفقر بالطبع لا يُخفى على من يُتابِع الأحداث في السودان في العقود الأخيرة، وهو نتاج لما فعلته السياسات العقيمة بأهله، وبشرى أعلم من غيره بأنّ البلاد وهبها رب العباد كُل ما يُعين أهلها على الحياة المُرفهة، وأودع فيها من الخيرات ما يجعلها تُنافس أكبر وأغنى دول العالم، إن حُظيت بمن له القدرة على التخطيط السليم لاستغلال ثرواتها، ولم يُخطئ (الغُرباء) في تسميتهم لها من قبل بأنّها سلة غذاء للعالم، ولكن أخطأ من قادوا السودان بلا رؤية إلى هذا الوضع.ليت الرجُل توقف عند حد الفقر، والفقر ليس بعيب، بل تمادى في حديثه غير اللائق عن بلاده ووصف أهلها أيضاً بأنّهم يعيشون في مسغبةٍ دفعت بعضهم للتهافُت على موقع اعتصام القصر، لا لاثبات موقف سياسي يبغونه أو المُدافعة عن حقٍ مسلوب منهم، بل تدافعوا للمكان كما زعم للاستمتاع بما وفره أهل الاعتصام لمن يُقبِل على اعتصامهم من دعة عيش يجدون فيها ما يُشبِع جوعهم، والمسغبة كما عرّفها أهل اللغة عزيزي القاري هي المجاعة مع التعب، ولم نجد لها في قواميس اللغة من معنى آخر نهرُب إليه لتغيير المقصد. نقول له ولغيره بأنّ التعفّف شيمة أصيلة لم يتنازل عنها أهل السودان حتى في أحلكِ الظروف، والجوع أهون بكثيرٍ عندهم من التهافُت والوقوع في الموائد كالذباب، ولو كان الأمر كما تزعم لحمل الأعمى منهم المكسر ولضاقت الخُرطوم على أهلها، والكُل يُعاني من شُحِ المُعينات الحياتية.

كاذبٌ مُكابِر من يتحدث منّا عن خُلو السودان من المُعاناةِ بكافةِ أشكالها، والأمل في تجاوزها لم ولن ينقطِع أبدا، والمعلومات مُتاحة لمن يُريد نقل الصورة بشفافية للعالم، ولكن ماذا نقول في من لم يرى غير هذه التُرهات ليحشو بها تقاريره الفطيرة للقناة الكبيرة.

لا حول ولا قوة إلّا بالله.

الجريدة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.